نشر قبل 14 سنة
تقيمك هو: 2. مجموع الأصوات: 52
القراءات: 10632

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

ابراهيم لم يكذب قط

نص الشبهة: 

جاء في أحاديث العامّة برواية أبي هريرة ـ وهي أشبه بالإسرائيليّات ـ ( أنّ إبراهيم ( عليه السلام ) كَذَب ثلاث كِذبات : ثنتين في ذات الله : قوله : ﴿ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ وقوله : ﴿ قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَٰذَا ... ، و الثالثة بشأن سارة : أنّها أُخته ) ( صحيح ا لبخاري : 4 / 171 و 7 / 7 و صحيح مسلم : 7 / 98 و مسند أحمد : 2 / 403 ـ 404 . ) . وفي حديث الشفاعة برواية أبي هريرة أيضاً : ( أنّ أهل الموقف يأتون الأنبياء واحداً بعد واحد يستشفعون منهم، حتّى يأتوا إبراهيم فيأبى معتذراً : إنّي كذبت ثلاث كذبات ولستُ هناكم ) ( جامع الترمذي : 4 / 623 و 5 / 321 . ) . وقد وصفت لجنة مشايخ الأزهر هذه الروايات بالصِحاح ، وعارضت الأستاذ عبد الوهاب النجّار استنكاره لهذه المفتريات ( راجع : هامش قصص الأنبياء للنجّار : 86 . ) .

الجواب: 

قلت : وحاشا إبراهيم الخليل ـ الداعي إلى الحنيفيّة البيضاء ـ أنْ ينطق بكذب ، وإنّما كُذِبَ عليه بلا ريب ، والرواية عامّية الإسناد لا اعتداد بها في هكذا مجالات .

ولقد أجاد الإمام الرازي حيث قال : فلأنْ يُضاف الكَذِب إلى رواة هذا الخبر أَولى من أنْ يُضاف إلى الأنبياء ، وأخذ في تأويل الموارد الثلاثة ، وأضافَ قائلاً : وإذا أمكن حَمل الكلام على ظاهره من غير نسبة الكَذِب إلى الأنبياء فحينئذٍ لا يحكم بنسبة الكذب إليهم إلاّ زنديق 1 .
أمّا قوله : ﴿ ... إِنِّي سَقِيمٌ 2 فلعلّه أراد وهن حالته الجسديّة ممّا كان يرى قومه على عَمَه الغباء ، وقد أحسّ ألماً شديداً انتاب قلبه المرهف تجاه تلكمُ الجهالات العارمة .
وأمّا قوله ﴿ قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ 3 فقولة قالها مستهزئاً بهم مستخفّاً عقليّتهم الكاسدة .
والكَذِب لا يكون إلاّ لغرض التمويه ، أمّا إذا كان السامعون عارفين بواقع الأمر ، وأنّ إبراهيم لم يقصد الحقيقة وإنّما أراد التسفيه من عقولهم محضاً فهذا لا يُعدّ كَذِباً ؛ لأنّ الكَذِب إخبار في ظاهر غير مطابق للواقع ، وهذا إنشاء لمحض التسفيه والهزء بهم ، والإنشاء لا يَحتمل الصدق والكَذِب فتدبّر .
وأمّا الثالثة ـ بشأن سارة أنّها أُخته ـ فحديث خُرافة يا أُمّ عمرو ! 4

  • 1. التفسير الكبير : 22 / 185 و 26 / 148 .
  • 2. القران الكريم : سورة الصافات ( 37 ) ، الآية : 89 ، الصفحة : 449 .
  • 3. القران الكريم : سورة الأنبياء ( 21 ) ، الآية : 63 ، الصفحة : 327 .
  • 4. شُبُهَات و ردود حول القرآن الكريم ، تأليف : الأُستاذ محمّد هادي معرفة ، تحقيق : مؤسّسة التمهيد ـ قم المقدّسة ، الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة ص 28 ـ 29 .