نشر قبل 5 سنوات
تقيمك هو: 4. مجموع الأصوات: 42
القراءات: 6881

حقول مرتبطة: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

ظلامة الزهراء

نص الشبهة: 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين..

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته..

أولاً: أحب أن أشكركم على ردكم على بعض الاستفسارات لكن عندي بعض النقاط ما زالت غير واضحة بالنسبة إلي ونرجو من سيادتكم النظر إليها.. لقد تفضلتم وأجبتم على هذين السؤالين وهما في الحقيقة عندي استفسار لو تكرمتم سيدنا الجليل بخصوص ظلامة فاطمة الزهراء عليها السلام. هل تم إسقاط الجنين عندما عصرت بين الحائط والباب أم من رفسة الثاني حيث لقيها الثاني وهي كانت راجعة من الأول بخصوص أرض فدك كما جاء في كتاب الاختصاص للشيخ المفيد وكيف نوفق بين هذه الرواية والروايات الأخرى هذا أولاً.

ثانياً: لماذا الروايات التي تتعرض ظلامة الزهراء وخصوصاً في إسقاط الجنين تجد اختلاف في كيفية الهجوم البربري حيث تجد رواية تقول إن إسقاط الجنين تم برفسة من الثاني وأخرى تم عصرها بين الحائط والباب كما أشرنا في السؤال الأول؟ هل هذا يعني تضارب الروايات ثم إسقاطها من الاعتبار؟ وأجبتم وقلتم: فإن الروايات قد صرحت بأن ما جرى حين هجومهم على البيت الشريف قد كان له التأثير القوي في سقوط الجنين، كما أن تلك الرواية قد ذكرت: أن سقوط الجنين قد حصل بسبب رفسة من قبل الثاني، حين غصب فدك منها عليها السلام.. وهناك روايات تقول: إن قنفذاً لكزها بنعل السيف بأمره، فأسقطت محسناً. ونحن نرى أنه ليس بين جميع هذه الروايات أي تناقض، فإن سقوط المحسن، واستشهاد الزهراء عليها السلام ربما يكونا قد استندا إلى مجموع هذه الأحداث، التي كان لها تسبيب قوي في بلوغ الأمور إلى ما بلغت إليه، فيصح نسبة النتيجة إلى هذه الأسباب التي تشاركت جميعاً في تلك النتائج. وبذلك يتضح: أن الروايات غير متضاربة، بل أشارت كل واحدة منها إلى أمر تعلق الفرض ببيانه، وتتكامل صورة الحدث باجتماع الروايات، وبالجمع فيما بين الخصوصيات الواردة فيها. والحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله الطاهرين.. «انتهى».

في الحقيقة كلامكم صحيح وخاصة ما ذكرتموه في كتابكم القيم مأساة الزهراء عليها السلام في الجزء الأول ص 313. إن الشيعة قد اتفقوا على الأول، ولكنهم لم ينفوا إقدام قنفذ على هذا الأمر أيضاً، فرواية دلائل الإمامة وغيرها مما سيأتي شطر كبير منه تثبت مشاركته في هذا الفعل أيضاً، كما أن المغيرة أيضاً قد شارك في ضرب الزهراء حتى أدماها، كما سيأتي في قسم النصوص والآثار، فلا مانع من أن يشارك الجميع في أمر كهذا، ويتسببون في الإسقاط، فيصح نسبته إليهم جميعاً، وإلى كل واحد منهم أيضاً، لتسببهم به. فهذه النسبة لا تعني أن كل واحد منهم كان علة مستقلة في الإسقاط. نعم الاشتراك في إسقاط الجنين وخاصة إذا كان هو الذي أمر بذلك وساهم في ذلك هذا شيء ليس فيه أي تناقض لكن التناقض في هذه الرواية من كتاب الاختصاص للشيخ المفيد رحمه الله ص 185. عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام: «..فقال علي عليه السلام لها: ائت أبابكر وحده فإنه أرقّ من الآخر، وقولي له: ادّعيت مجلس أبي.. وأنك خليفته وجلست مجلسه ولو كانت فدك لك ثم استوهبتها منك لوجب ردّها عليّ. فلمّا أتته وقالت له ذلك قال: صدقت، قال: فدعا بكتاب فكتبه لها بردّ فدك، فقال: فخرجت والكتاب معها فلقيها عمر، فقال: يا بنت محمد! ما هذا الكتاب الذي معك؟ فقالت: كتاب كتب لي أبوبكر بردّ فدك. فقال: هلمّيه إليّ، فأبت أن تدفعه إليه، فرفسها برجله، وكانت حاملاً بابن اسمه المحسن، فأسقطت المحسن من بطنها، ثم لطمها، فكأنّي أنظر إلى قرط في أُذنها حين نقفت، ثم أخذ الكتاب فخرقه، فمضت ومكثت خمسة وسبعين يوماً مريضة مما ضربها عمر ثم قبضت. سيدنا الجليل امحقق البارع أنتم تعلمون أن الجنين قد أسقط أثناء الهجوم وما جرى عليها سلام الله عليها من رفس ولطم وعصرها من بين الحائط والباب وما جرى عليها من مصائب وهذا من خلال الروايات التي تصرح بهذا وحتى أقوال علمائنا الأبرار بأن الإسقاط تم أثناء الهجوم للبيت وهتك حرمته لكن لو تأملت في الرواية المذكورة أعلاه أن الزهراء كانت حاملة بالجنين ولم يسقط ولم يتعرض لمكروه إلا إذا قلنا أن الجنين كان ميتاً في بطنها ولكن الإشكال لا زال موجوداً حيث الرواية تقول: إن الزهراء كانت حاملاً بالمحسن عليه السلام ولكنها ألقته من رفسة الثاني هذا أولاً، أما ثانياً: فإن بقية الروايات تفيد أنها سلام الله عليها ألقته من أحشائها عندما تعرضت للهجوم في بيتها ونأسف على الإطالة وشكراً..

ووفقكم الله لما فيه الخير والصلاح.. فنرجو منكم الإجابة الشافية وبارك الله بكم ووفقكم الله.

الجواب: 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد..
فقد أشرنا إلى أن الروايات إذا اتفقت في أمر، واختلفت في خصوصياته، فإنه يؤخذ بما اتفقت فيه، ويصح الاحتجاج به، ولا يؤثر اختلافها في الخصوصيات في صحة ذلك الاحتجاج.
وإنما يحتج برواية الإختصاص على أصل أن المحسن قد أسقط في هجومهم على الزهراء، وبسبب ضربهم لها.. فإذا كانت تختلف مع سائر الروايات في بعض الخصوصيات، فلابد لمن كان له غرض في إثبات الخصوصية، من أن يلجأ إلى المرجحات فيأخذ بما هو أقوى سنداً، أو أكثر عدداً، أو بغير ذلك.
فيرجى من جنابكم الكريم أن تذكروا الرواية التي تصرح بأن سقوط الجنين إنما كان حين الهجوم على الدار في أول يوم، وذلك لكي يتم النظر فيها، فإن كانت بحيث لا يمكن الجمع بينها وبين رواية الإختصاص أبداً، فلابد من رفع اليد عن دلالة رواية الإختصاص في خصوص زمان ومكان الإسقاط، وتبقى دلالتها بالنسبة لأصل حدوث الإسقاط على حالها.
غير أنني أقول: إن جل النصوص والتصريحات قد اكتفى بذكر: أن محسناً قد أسقط بسبب اعتدائهم على الزهراء عليها السلام، وليس فيها تحديد لمكان السقوط وزمانه، سوى ما ورد في رواية المفضل بن عمر، التي رواها الخصيبي، ورواية إرشاد القلوب للديلمي، ورسالة الخطاب إلى معاوية.
وربما يظهر ذلك من بعضٍ آخر أيضاً، ولكنه لا يصل إلى حد التصريح.. وتبقى عشرات الروايات والتصريحات لا تأبى عما ذكرناه، من أنه قد تكون هناك عدة أسباب أوجدوها، فتضافرت وأوجبت سقوط المحسن. فيصبح إسناد ذلك إلى الكل تارة، وإلى كل واحد منها أخرى.
وقد أشار بعضهم: إلى أن القضية الفلانية كانت من أقوى الأسباب في سقوط المحسن. وهذا معناه: أنه يرى أن وجه الجمع بين الروايات هو ما ذكرناه.. فراجع.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 1.

  • 1. مختصر مفيد.. (أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة)، السيد جعفر مرتضى العاملي، «المجموعة التاسعة»، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الأولى، 1424 هـ ـ 2004 م، السؤال (498).