الحديث عن الرزق ينصرف عادة في أذهان الناس للمال، وكأنه المصداق الحصري الوحيد للرزق. فلا يُلتفَت للصحة والعلم والأولاد والجاه والزوج الصالح أو الزوجة الصالحة أو القدرات العقلية أو الذكاءات المتعددة أو النجاح في تنشئة أبناء صالحين أو السمعة الطيبة أو غيرها من النعم التي لا تُحصى عددا على أنها من الرزق أيضا.
الذي يظهر من الآية أن الإنسان يخرج من بطن أمه صفحة بيضاء خالية من أي علم، وأن الله تعالى زوّده بأدوات المعرفة الحسية «السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ» والعقلية «الْأَفْئِدَةَ» ليتمكن من خلالها من تحصيل العلوم وإنتاجها.
المتتبع لآيات القرآن الكريم يجد أن الحكمة منحة إلهية يؤتيها الله من يشاء من عباده، وأنها منّة عظيمة يختار الله لها أهلها. والآيات في هذا كثيرة نختار منها: ﴿ ... فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ... ﴾1
إذا كانت الموارد البشرية هي أهم الموارد على الإطلاق في تقدم أي أمة من الأمم، فإن عنصر الشباب هو الأهم من بين تلك الموارد، إذ بمقدار حركته وعنفوانه وتطلعه يحسب عمر الأمة، فإما أن تكون شابة ناهضة، أو هرمة تنتظر لحظة الأفول.
المجتمع الإيماني ليس مجتمعا من الملائكة ﴿ ... لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾1 . بل هم مجموعة من البشر يمرون بحالات مختلفة من القوة والضعف، والحماسة والانتكاسة، والعروج والهبوط، فإيمانهم ويقينهم وصبرهم لا تكون بذات المستوى عند كل أحد في كل وقت أو في كل ظرف. والإسلام باعتباره دينا واقعيا يلحظ هذا الأمر بدقة، ويضع تشريعاته المناسبة في هذا الإطار.
قد نلتفت للأمراض التي تصيب أبداننا لا سمح الله، فنُهرع إلى الطبيب بحثا عن علاجها. وقد يكلفنا ذلك الكثير من المال والجهد والوقت. أما ما لا يُلتفت إليه غالبا فالأمراض التي تفتك بنفوسنا وأرواحنا وعقولنا، فتصيبها في المقتل، دون أن يشعر المصاب بشيء، وذلك لانشغاله بالبدن وحاجياته على حساب النفس والروح والعقل.
تحدث القرآن الكريم عن المترفين في عدة آيات، وذكر مواقفهم العدائية المستحكمة من الرسالات السماوية، وبيّن عقائدهم الفاسدة، ودورهم الهدّام في المجتمعات وهلاكها وتدميرها. فقال تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ ﴾1.
فكثير من حالات الحرمان تصير سبباً في تفتح الاستعدادات والجهود العظيمة، لأن الإنسان يبذل قصارى الجهد، ويسعى لإزالة النقص مما يكون سبباً للقفزات العلمية والاجتماعية.
فالإنسان إذن يمكنه أن يتعامل مع بعض الظواهر إذا فهمها وأحسن التعامل معها. ونقول بعض الظواهر لأن الله سبحانه وتعالى إذا أراد أن ينزل البلاء عقابا على أحد فلن يعجزه شيء.
إن جميع علماء الطبيعة والفلك يجمعون على أن الكون في أبدع صورة، ويوجد بين أجزائه من التناسق والانسجام والترابط ما يجعل الحياة ممكنة ومستمرة، وأن كل شيء محسوب بدقة.
هذا الزلزال قد يطرح سؤالا عند الكثيرين: أين رحمة الله وعدله؟ هل هذا الذي نزل عذاب من الله أم ابتلاء أم غير ذلك؟ وإذا كان عذابا فلماذا ينزل بهؤلاء الفقراء دون غيرهم من الأغنياء المترفين الذين يعيثون في الأرض فسادا؟
يقول معاوية بن عمار رضي الله عنه: كان لأبي عبد الله خريطة ديباج صفراء فيها تربة أبي عبد الله، فكان إذا حضرته الصلاة صبه على سجادته وسجد عليه ثم قال: إن السجود على تربة أبي عبد الله يخرق الحجب السبع.
العزم والإرادة هما جوهر إنسانية الإنسان، فكلما قويت عزيمة الإنسان وإرادته كلما تمكن من الرقي في مدارج السالكين والوصول إلى مقام عليين، وعلى النقيض من ذلك الإنسان الذي لا يهتم بتنمية إرادته يتسافل حتى يكون مصداقا للآية الكريمة﴿ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ﴾1.
فالمنبر يستطيع أن يصنع الإنسان الذي فجر الثورة في إيران، وهزم الصهاينة في جنوب لبنان، وقاوم الإرهابيين والمحتلين في العراق. إن هذا المنبر يستطيع أن يفعل الكثير لأنه ينتمي للإمام الحسين.
أصبح التخصص في هذا العصر ضرورة وليس ترفا، حيث نشهد في كل يوم ولادة تخصصات جديدة في كل مجالات الحياة العلمية والثقافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، ومع تشعبات العلوم وتداخلها لم يعد من الممكن أن يلم أي شخص إلماما تاما بكل العلوم ذات العلاقة بمجاله ناهيك عن المجالات الأخرى.
وتهمة العلقمية – لمن لا يدري، وهل هناك من لا يدري؟! – منسوبة لوزير الخلافة العباسية الأخير – الذي كان شيعي المذهب – مؤيد الدين أبي طالب محمد بن أحمد العلقمي، الذي اتهم بالخيانة والتآمر مع المغول ضد أولياء نعمته، الخليفة المستعصم وأسرته العباسية السنية المذهب، وأنه سهَل دخول القوات المغولية إلى بغداد بعد أن دخل في مراسلات سرية مع هولاكو، هذه باختصار قصة التهمة الأم التي ألصقت بهذا الوزير الشيعي..
جدلية المثقف والسلطة من الجدليات الراسخة في ثقافتنا العربية، فالمثقف دائم التبرم من حالة الإقصاء والتهميش والبعد عن التأثير في مراكز القرار. وهذا بلا شك مظهر من مظاهر التخلف الذي وجد في مجتمعنا العربي حواضنه الأثيرة.
كلما تسامى الإنسان في حركته نحو الله سبحانه وتعالى وارتقى سلم الكمالات كلما استطاع أن يرى الأمور على حقيقتها بشكل يدهش الناس العاديين الذين غرقوا فيما يسمونه الواقعية.