مجموع الأصوات: 7
نشر قبل 10 أشهر
القراءات: 973

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

محل الخلاف بين العدلية والأشاعرة حول حسن وقبح الأفعال

الاختلاف الأوّل

هل لبعض الأفعال حُسن أو قبح ذاتي ، أم أنّ الحُسن والقبح مجرّد صفات اعتبارية لكلّ الأفعال ، بحيث توجد هذه الصفات عندما يتمّ الاتفاق عليها وتنعدم عندما يزول هذا الاتفاق ؟

رأي الأشاعرة :

إنّ الحسن والقبح مجرّد صفات اعتبارية لجميع الأفعال "لأنّ الأفعال كلّها سواسية ليس شيء منها في نفسه حسناً أو قبيحاً بحيث يقتضي مدح فاعله وثوابه ، ولا ذم فاعله وعقابه ، وإنّما صارت كذلك بواسطة أمر الشارع بها ونهيه عنها"1.

رأي العدلية :

إنّ من الأفعال ما هي حسنة في ذاتها .

وإنّ من الأفعال ما هي قبيحة في ذاتها .

ويكون الشارع عند تحسينه أو تقبيحه لهذه الأفعال كاشفاً لحسنها أو قبحها لا موجباً وسبباً لها 2.

الاختلاف الثاني

هل يستطيع العقل من صميم ذاته، ومن دون الرجوع إلى الشرع أن يدرك ويكشف حسن وقبح الأفعال ، أم أ نّه لا يستطيع ذلك إلاّ بمساعدة الشرع ؟

رأي الأشاعرة :

لا يستطيع العقل ذلك أبداً ، "ولا حكم للعقل في حسن الأشياء وقبحها"3، وينبغي الرجوع إلى الشرع من أجل معرفة حسن وقبح جميع الأفعال .

رأي العدلية :

دور العقل في إدراك حسن وقبح الأفعال 4:

أوّلاً: يدرك العقل حسن وقبح بعض الأفعال بالضرورة والبداهة .

مثال : حسن العدل وشكر المنعم والصدق النافع والتكليف حسب الطاقة .

وقبح الظلم وكفران المنعم والكذب الضار وتكليف ما لا يطاق .

ثانياً: يدرك العقل حسن وقبح بعض الأفعال بالتفكّر والتأمّل .

مثال : حسن فعل أمر الشرائع وقبح تركها .

ثالثاً: لا يدرك العقل حسن وقبح جملة من الأفعال لا ضرورة ولا بالتفكّر والتأمّل ، فلا يكون للعقل سبيل لمعرفة هذا الحسن والقبح إلاّ عن طريق تحسين وتقبيح الشارع .

مثال : تحسين الشارع صوم شهر رمضان، وتقبيحه صوم يوم عيد الفطر .

تنبيه :

ينبغي الالتفات إلى أنّ هذا التحسين والتقبيح من الشارع يدل على وجود جهة محسّنة ومقبّحة في هذه الأفعال ، وقد تكون هذه الجهة غير ذاتية، بل هي مجرّد اختبار لمعرفة مدى امتثال الإنسان لأوامر ونواهي اللّه تعالى .

الاختلاف الثالث

هل أوامر ونواهي الشرع هي السبب والموجب لحسن وقبح جميع الأفعال ، أم توجد أفعال لها حسن وقبح ذاتي بحيث يكون تحسين وتقبيح الشارع لها وسيلة للكشف عن الحسن والقبح الذي تتصف به بذاتها ؟

رأي الأشاعرة :

"الأمر والنهي عندنا من موجبات الحسن والقبح [لجميع الأفعال] بمعنى: أنّ الفعل أُمر به فحَسُن ، ونُهي عنه فقَبُح"5.

رأي العدلية :

إنّ بعض الأفعال لها حسن وقبح ذاتي، بحيث :

لا يكون أمر الشرع بها ونهيه عنها "موجباً وسبباً" لحسنها وقبحها .

وإنّما يكون أمر الشرع بها ونهيه عنها "كاشفاً ومبيّناً" لحسنها وقبحها الذاتي .

أي: أنّ الفعل حَسَنٌ بذاته ، فلهذا أُمر به ، لا لأنّه أُمر به فأصبح حسناً .

وإنّ الفعل قبيح بذاته ، فلهذا نُهي عنه ، لا لأنّه نُهي عنه فأصبح قبيحاً 2.

مثال : إنّ "العدل" حسن في نفسه ، ولحسنه أمر اللّه تعالى به ، لا أ نّه صار حسناً بعد أن أمر اللّه تعالى به .

وإنّ "الظلم" قبيح في نفسه، ولقبحه نهى اللّه تعالى عنه، لا أ نّه صار قبيحاً بعد أن نهى اللّه تعالى عنه 6.

  • 1. المواقف ، عضد الدين الإيجي: ج3 ، الموقف 5 ، المرصد 6 ، المقصد 5 ، ص270 .
  • 2. a. b. سنذكر مصادر هذا الرأي لاحقاً .
  • 3. المواقف ، عضد الدين الإيجي: ج3، الموقف 5 ، المرصد 6 ، المقصد 5 ، ص268 .
  • 4. انظر: قواعد المرام ، ميثم البحراني: القاعدة الخامسة ، الركن الأوّل ، البحث الثاني، ص 104. إرشاد الطالبين ، مقداد السيوري: مباحث العدل ، مسألة الحسن والقبح ، ص 255 .
  • 5. شرح المقاصد ، سعد الدين التفتازاني: ج4 ، المقصد 5 ، الفصل 5 ، المبحث 3 ، ص283 .
  • 6. المصدر: كتاب العـدل عند مذهب أهل البيت (عليهم السلام) لـشيخ علاء الحسّون.