نشر قبل 7 سنوات
تقيمك هو: 3. مجموع الأصوات: 58
القراءات: 15905

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

شرائط الامام عند الشيعة

نص الشبهة: 

وضع الشيعة عدة شروط للإمام : منها : أن يكون أكبر أبناء أبيه . وأن لا يغسله إلا الإمام ، وأن درع الرسول (صلى الله عليه وسلم) يستوي عليه . وأن يكون أعلم الناس . وأن لا تصيبه جنابة ولا يحتلم ، وأنه يعلم الغيب ! . . . الخ ولكنهم وقعوا في حرج ـ فيما بعد ـ بهذه الشروط !! لأننا وجدنا أن بعض الأئمة لم يكن أكبر إخوته ؛ كموسى الكاظم والحسن العسكري . وبعضهم لم يغسله إمام ، كعلي الرضا الذي لم يغسله ابنه محمد الجواد ، حيث لم يكن يتجاوز الثامنة من عمره آنذاك . وكذلك موسى الكاظم لم يغسله ابنه علي الرضا لغيابه عنه آنذاك . بل الحسين بن علي لم يغسله ابنه علي زين العابدين ، لملازمته الفراش ، ولحيلولة عساكر ابن زياد دون ذلك . وبعضهم لا يستوي عليه درع رسول الله ﷺ ؛ مثل محمد الجواد ، الذي لم يتجاوز الثامنة عند وفاة أبيه ، وكذلك ابنه علي بن محمد مات عنه وهو صغير . وبعضهم لم يكن أعلم الناس ؛ كمن كان صبياً . وبعضهم جاء النص ـ في أخبار الشيعة ـ بأنه يحتلم وتصيبه الجنابة ؛ كعلي وابنيه الحسن والحسين « رضي الله عنهم » ، حيث رووا أن الرسول (صلىل الله عليه وسلم) قال : «لا يحل لأحد أن يجنب في هذا المسجد إلا أنا ، وعلي ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين » (عيون أخبار الرضا : 2 / 60 .) . وأما علم الغيب ، فهذه كذبة ردّها الله تعالى في كتابه .

الجواب: 

بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . .
فإننا نجيب بما يلي :
أولاً : إن شرائط الإمام بنظر الشيعة لا بد أن تؤخذ من الكتب الكلامية للشيعة:

والشرط الأول والأهم : هو أن يكون منصوصاً عليه من قبل الله تعالى ورسوله .
وهذا يقتضي عدم اشتراط سن معين فيه ، فالإمام هو من ورد النص بالإمامة عليه من المعصوم ، سواء أكان صغيراً كعيسى ، ويحيى ، والإمام الجواد ، والهادي ، والإمام الحجة ، والحسنين « عليهم السلام » .
أو كبيراً كسائر الأئمة الطاهرين والأنبياء المعصومين « عليهم السلام » . وسواء أكان أكبر الأولاد أو أصغرهم .
الشرط الثاني : أن يكون معصوماً . .
الشرط الثالث : أن يكون مستجمعاً لأصول الكمالات النفسانية ، وهي العلم ، والفقه ، والشجاعة . .
الشرط الرابع : أن يكون أفضل الأمة في كل ما يعد كمالاً نفسانياً .
الشرط الخامس : براءته من كل عيب منفر في خلقته ، أو في نسبه وأصله ، أو في حياته العملية ، كالصناعات والحرف الركيكة ، كالحياكة . .
الشرط السادس : أن يكون مخصوصاً بكرامات إلهية ، يظهرها الله تعالى له حين يحتاج إليها في تصديق الخلق له .
ولم نجد الشيعة تعرضوا لشرط البلوغ ، ولا لكونه أكبر الأولاد ، ولا أن يعلم الغيب ، ولا أن لا تصيبه جنابة . .
ثانياً : أما أن الإمام لا يغسله إلا الإمام ، فتلك خصوصية للإمام يتحفه الله تعالى بها كرامة وإجلالاً له . . والكرامة لا ينبغي أن تعد شرطاً ، فإن الله تعالى قد أكرم رسوله « صلى الله عليه وآله » : بأن ظله لا يقع على الأرض ، وبأنه أباح له التزوج بأكثر من أربع نساء ، وبأنه يدفن حيث يقبض ، وبغير ذلك من أمور .
ولكنهم لا يعدُّون هذه الأمور من شرائط النبوة .
وكذلك الحال في استواء درع رسول الله « صلى الله عليه وآله » عليه ، فإن ذلك قد ورد في بعض الأخبار ، ولم ير الشيعة أن يدخلوا ذلك في صلب عقائدهم ، فلم يذكروه في جملة الشرائط . . ربما لأنه لم تجتمع فيه شرائط القبول السندي ، أو لعلهم وجدوا أنه أمر خاص ببعض الأئمة دون سائرهم ، أو لغير ذلك من أسباب .
ثالثاً : لم يحرج الشيعة في موضوع اشتراط أن يكون الإمام الولد الأكبر للإمام السابق ، لأن السنَّ ليس شرطاً عندهم ، فإنهم متعبدون بالنص ، فمن ورد النص عليه كان هو الإمام . . أما عبد الله الأفطح فليس إماماً لسببين :
أحدهما : أنه كان يعاني من تشوه خَلْقي يوجب نفرة الناس منه ، واقتحام العيون له . . وقد قلنا : إن من شرائط الإمام سلامته في خلقته الجسدية .
الثاني : أن الإمام السابق لم ينص عليه . .
وكذا الحال بالنسبة للإمام الحسن العسكري « عليه السلام » ، إذ مع وجود النص على الإمام العسكري « عليه السلام » واختلال الشرائط في جعفر ، لا مجال لتوهم أن يكون لجعفر نصيب في الإمامة . .
رابعاً : بالنسبة لحديث : أن الإمام لا يغسله إلا الإمام ، نقول :
لا دليل على أن ذلك لم يحصل ، لا سيما وأن الروايات قد صرحت : بأن الإمام الجواد « عليه السلام » هو الذي غسل الإمام الرضا « عليه السلام » 1 ، وبأن الإمام الرضا « عليه السلام » ، هو الذي غسل الإمام الكاظم « عليه السلام » 2 .
ولا ضير في ذلك ، فإن الذي غسل سلمان الفارسي الذي توفي في المدائن هو علي بن أبي طالب « عليه السلام » مع أنه كان حين وفاة سلمان في المدينة 3 .
خامساً : إن الإمام الحسين « عليه السلام » ، قد مات شهيداً ، ولا يغسل الشهيد . ولا معنى لذكر السائل له في هذا المقام . .
سادساً : ما ادعاه السائل ، من أن من كان من الأئمة صبياً ليس بأعلم الناس ، يحتاج إلى أن يكون السائل قد اطلع على الغيب الإلهي ، وعرف مقدار علم كل فردٍ فردٍ من البشر ، حتى تبين له أن ثمة من هو أعلم من الإمام الجواد « عليه السلام » ، حين كان عمره ست سنوات مثلاً . . أو أنه قد كان في زمن عيسى من كان أعلم منه حين تكلم في المهد صبياً .
كما أنه لا بد أن يكون الوحي الإلهي قد نزل عليه وأعلمه أن الإمام الرضا « عليه السلام » لم يعلِّم ولده ألف حرف ، أو ألف باب من العلم يفتح له من كل حرف ، أو باب ألف باب .
سابعاً : حبذا لو أتحفنا هذا السائل بالمصدر الذي أخذ منه : أن من شرط الإمام أن لا تصيبه جنابة ولا يحتلم . . فإننا لم نجده في أي من كتب الشيعة التي في حوزتنا ، كما أننا لم نجد هذا الشرط لا في أرض ولا في سماء . .
ثامناً : بالنسبة لعلم الغيب ، فقد قلنا : إن الأئمة « عليهم السلام » إنما يعلمون من الغيب ما أعملهم به رسول الله « صلى الله عليه وآله » . . وبلّغهم إياه آباؤهم « عليهم السلام » . . وليس لدى السائل ما يدلُّ على أنه « صلى الله عليه وآله » أخبرهم بهذا الغيب بالخصوص ؟!
تاسعاً : حتى لو كان « صلى الله عليه وآله » قد أخبرهم « عليهم السلام » بموتهم في تلك الساعة أو اليوم ، فإن من يعتقد بأن القلم قد خط بما هو كائن ، وأنه لا حيلة للبشر في تغيير ما خطه القلم ، وأن القلم قد خط أيضاً أنهم هم الذين يشربون السم الذي يقتلهم ، فلا يمكنهم الإمتناع عن ذلك ، وإلا لانقلب علم الله جهلاً ، والعياذ بالله . .
أما الشيعة فلا يقولون ذلك ، بل يقولون : إنه لا يحق للإمام أن يعمل بمقتضيات العلم الذي يصل إليه بطريق غير عادي كما هو الحال في مثل هذه الأمور .
والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله 4 .

  • 1. الخرائج والجرائح ج 1 ص 353 وبحار الأنوار ج 50 ص 50 عنه .
  • 2. عيون الأخبار ج 1 ص 105 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج 2 ص 97 بحار الأنوار ج 48 ص 254 عنه .
  • 3. راجع : الخرائج والجرائح ج 2 ص 562 ومدينة المعجز للبحراني ج 2 ص 14 وبحار الأنوار ج 22 ص 368 وج 39 ص 148 ونفس الرحمن في فضائل سلمان ص 605 وطرائف المقال للبروجردي ج 2 ص 604 .
  • 4. ميزان الحق . . ( شبهات . . وردود ) ، السيد جعفر مرتضى العاملي ، المركز الإسلامي للدراسات ، الطبعة الأولى ، 1431 هـ . ـ 2010 م ، الجزء الرابع ، السؤال رقم (151) .