صف لنا الموت ؟

عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِيِّ 1 ، عَنْ آبَائِهِ ( عليهم السلام ) أنهُ قَالَ : قِيلَ لِلصَّادِقِ ( عليه السَّلام ) : صِفْ لَنَا الْمَوْتَ ؟
قَالَ ( عليه السَّلام ) : " لِلْمُؤْمِنِ كَأَطْيَبِ رِيحٍ يَشَمُّهُ ، فَيَنْعَسُ لِطِيبِهِ ، وَ يَنْقَطِعُ التَّعَبُ وَ الْأَلَمُ كُلُّهُ عَنْهُ ، وَ لِلْكَافِرِ كَلَسْعِ الْأَفَاعِيِّ ، وَ لَدْغِ الْعَقَارِبِ ، أَوْ أَشَدَّ " .
قِيلَ : فَإِنَّ قَوْماً يَقُولُونَ إِنَّهُ أَشَدُّ مِنْ نَشْرٍ بِالْمَنَاشِيرِ ، وَ قَرْضٍ بِالْمَقَارِيضِ ، وَ رَضْخٍ بِالْأَحْجَارِ ، وَ تَدْوِيرِ قُطْبِ الْأَرْحِيَةِ عَلَى الْأَحْدَاقِ ؟!
قَالَ : " كَذَلِكَ هُوَ عَلَى بَعْضِ الْكَافِرِينَ وَ الْفَاجِرِينَ ، أَ لَا تَرَوْنَ مِنْهُمْ مَنْ يُعَايِنُ تِلْكَ الشَّدَائِدَ ، فَذَلِكُمُ الَّذِي هُوَ أَشَدُّ مِنْ هَذَا لَا مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ ، فَإِنَّهُ أَشَدُّ مِنْ عَذَابِ الدُّنْيَا " .
قِيلَ : فَمَا بَالُنَا نَرَى كَافِراً يَسْهُلُ عَلَيْهِ النَّزْعُ ، فَيَنْطَفِئُ وَ هُوَ يُحَدِّثُ وَ يَضْحَكُ وَ يَتَكَلَّمُ ، وَ فِي الْمُؤْمِنِينَ أَيْضاً مَنْ يَكُونُ كَذَلِكَ ، وَ فِي الْمُؤْمِنِينَ وَ الْكَافِرِينَ مَنْ يُقَاسِي عِنْدَ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ هَذِهِ الشَّدَائِدَ ؟!
فَقَالَ : مَا كَانَ مِنْ رَاحَةٍ لِلْمُؤْمِنِينَ هُنَاكَ فَهُوَ عَاجِلُ ثَوَابِهِ ، وَ مَا كَانَ مِنْ شَدِيدَةٍ فَتَمْحِيصُهُ مِنْ ذُنُوبِهِ لِيَرِدَ الْآخِرَةَ نَقِيّاً نَظِيفاً ، مُسْتَحِقّاً لِثَوَابِ الْأَبَدِ لَا مَانِعَ لَهُ دُونَهُ ، وَ مَا كَانَ مِنْ سُهُولَةٍ هُنَاكَ عَلَى الْكَافِرِ فَلِيُوَفَّى أَجْرَ حَسَنَاتِهِ فِي الدُّنْيَا ، لِيَرِدَ الْآخِرَةَ وَ لَيْسَ لَهُ إِلَّا مَا يُوجِبُ عَلَيْهِ الْعَذَابَ ، وَ مَا كَانَ مِنْ شِدَّةٍ عَلَى الْكَافِرِ هُنَاكَ فَهُوَ ابْتِدَاءُ عَذَابِ اللَّهِ لَهُ بَعْدَ نَفَادِ حَسَنَاتِهِ ، ذَلِكُمْ بِأَنَّ اللَّهَ عَدْلٌ لَا يَجُورُ " 2 .

  • 1. أي الإمام الحسن بن علي العسكري ( عليه السَّلام ) الحادي عشر من أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) .
  • 2. بحار الأنوار ( الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) ) : 6 / 152 ، للعلامة الشيخ محمد باقر المجلسي ، المولود بإصفهان سنة : 1037 ، و المتوفى بها سنة : 1110 هجرية ، طبعة مؤسسة الوفاء ، بيروت / لبنان ، سنة : 1414 هجرية .