الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

التسمية بعبد الحسين لا تصح . .

نص الشبهة: 

العبودية لا تكون إلا لله وحده ؛ يقول سبحانه وتعالى : ﴿ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ ... ، فلماذا يتسمى الشيعة بعبد الحسين ، وعبد علي ، وعبد الزهراء ، وعبد الإمام ؟! ولماذا لم يسم الأئمة أبناءهم بعبد علي وعبد الزهراء ؟! وهل يصح أن يكون معنى عبد الحسين (خادم الحسين) بعد استشهاد الحسين « رضوان الله عليه » ؟! وهل يعقل أنه يقدم له الطعام والشراب ، ويصب له ماء الوضوء في قبره!!! حتى يصير خادماً له ؟!

الجواب: 

بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . .
وبعد . .
فإن علينا ملاحظة الأمور التالية :
أولاً : هناك فرق بين العبادة والعبودية ، فالعبادة لا تصح لغير الله سبحانه ، ومن عبد غيره فقد ضل وأشرك . .
ثانياً : العبودية بمعنى المملوكية تكون لله تعالى بالأصالة ، وقد تكون لغيره تعالى بالتبع ، بمعنى : أن الغير يملِّك غيره من خلال تمليك الله تعالى إياه ، فهو تعالى المالك الحقيقي لكل شيء ، وهو تعالى يملِّك غيره من عباده الأرض والشجر ، والحجر ، والحيوان ، والإنسان أيضاً ، وغير ذلك . . فقد قال تعالى : ﴿ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ... 1 .
فيصير زيد ملكاً لعمر ، وبتمليك الله تعالى بأحد الأسباب الموجبة لذلك .
ثالثاً : روي : أن حبراً من الأحبار قال لعلي « عليه السلام » : أفنبي أنت ؟!
فقال « عليه السلام » : « إنما أنا عبد من عبيد محمد » 2 .
ولعله قال ذلك « عليه السلام » بعد استشهاد رسول الله « صلى الله عليه وآله » ، وإن كان قد قاله في أيام خلافته ، فيكون قد مضى على استشهاد رسول الله « صلى الله عليه وآله » أكثر من ربع قرن . فهل قصد « عليه السلام » أنه يقدم للنبي « صلى الله عليه وآله » الطعام والشراب وهو في قبره ؟!
رابعاً : من كلمات لقمان لابنه : « يا بني كن عبداً للأخيار » 3 .
وقد ورد عن علي « عليه السلام » : أنا عبد من علمني حرفاً واحداً ، إن شاء باع ، وإن شاء أعتق ، وإن شاء استرق 4 .
وقال أمير المؤمنين « عليه السلام » : من علمني حرفاً ، فقد صيرني عبداً 5 .
وعن النبي « صلى الله عليه وآله » أنه قال : من تعلمت منه حرفاً ، صرت له عبداً 6 .
ومن الكلمات المأثورة : من علمني حرفاً كنت له عبداً 7 .
خامساً : إن أبرز خصوصيات العبد تجاه مولاه : أنه لا يقدر على شيء ، وأن سيده هو الذي يملك قراره ومساره ، فإذا كان الله تعالى قد اعتبر نبيه ولياً للمؤمنين ، بل أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، وإذا كان هذا بالذات هو حال الإمام مع الناس ، وفقاً لقول رسول الله « صلى الله عليه وآله » يوم الغدير : « ألست أولى بكم من أنفسكم ؟!
قالوا : بلى .
قال : فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه . . » .
فإن النتيجة هي : أن الناس عبيد للنبي محمد « صلى الله عليه وآله » بالطاعة لمقام النبوة والإمامة ، بمعنى لزوم طاعته والإنقياد له ، على حد طاعة العبيد لأسيادهم . .
وقد روي : أن الإمام الرضا « عليه السلام » قد بيَّن المراد بما حكاه الناس عنهم ، من أن الناس عبيد لهم ، بقوله « عليه السلام » : « الناس عبيد لنا في الطاعة ، موال لنا في الدين » 8 .
وليس المراد : أننا عبيد له بالخدمة والمعونة ، فلا معنى لقول السائل : « هل يعقل أنه يقدم له الطعام والشراب ، ويصب له ماء الوضوء في قبره » ؟!
وبعد . . فإن هذا يوضح لنا : الفرق بين العبودية بالمالكية ، والعبودية في الطاعة ، فإن المالكية تدور مدار الحياة ، وتنقطع بالموت .
أما العبودية بالطاعة ، فلا يقطعها الموت ، بل تتواصل وتستمر بعده كما كانت قبله . فتجب طاعة الأسياد في الحياة وبعد الممات ، لبقاء العبودية بالطاعة . . أما العبودية بالمالكية ، فتزول ، لزوال الملك عن العبد بمجرد موت سيده . .
سادساً : في الصحابة أناس كثيرين لهم أسماء تتوافق مع التسمية باسم عبد علي ، وعبد الحسين ، ونذكر من ذلك على سبيل المثال بعض من ذكرهم صاحب الإصابة ، ولم يستطع أن يثبت لنا أن النبي « صلى الله عليه وآله » قد غير أسماءهم . . مثل :
1 ـ عبد رضا (أبو مكنف) .
2 ـ عبد شمس بن الحرث بن كثير بن جشم .
3 ـ عبد شمس بن عفيف بن زهير .
4 ـ عبد عمرو بن عبد جبل الكلبي .
5 ـ عبد عمرو بن نضلة الخزاعي .
6 ـ عبد عمرو بن يزيد بن عامر الجريشي .
7 ـ عبد عوف بن الحرث بن عوف الأهمسي .
8 ـ عبد قيس بن لاي بن عاصم .
9 ـ عبد المطلب بن ربيعة بن الحرث .
10 ـ عبد يزيد بن هاشم بن المطلب .
11 ـ عبد ياليل بن عمرو بن عمير الثقفي .
12 ـ عبد الجد بن عبد العزيز الأزدي .
13 ـ عبد الحجر بن سراقة .
14 ـ عبد خير بن يزيد .
15 ـ عبد القيس اليمامي الحنفى .
والحمد لله ، والصلاة والسلام على محمد وآله . . 9 .

  • 1. القران الكريم: سورة النور (24)، الآية: 32، الصفحة: 354.
  • 2. راجع : بحار الأنوار ج3 ص283 والكافي ج1 ص90 وعوالي اللآلي ج1 ص292 والاحتجاج للطبرسي ج1 ص496 و (ط أخرى) ص313 ومستدرك سفينة البحار ج7 ص64 وتفسير نور الثقلين ج5 ص233 وكتاب التوحيد للصدوق ص174 والأمالي للصدوق ص534 .
  • 3. راجع : بحار الأنوار ج13 ص416 و 418 وج71 ص176 و 186 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج12 ص156 و (ط دار الإسلامية) ج8 ص509 ونهج السعادة ج7 ص251 و 353 وقصص الأنبياء للراوندي ص194 .
  • 4. راجع : العلم والحكمة في الكتاب والسنة للريشهري ص421 عن آداب المتعلمين ص74 بهامشه ، نقلاً عن تعليم المتعلم طريق التعلم للزرنوجي .
  • 5. راجع : جامع السعادات للنراقي ج3 ص112 .
  • 6. راجع : عوالي اللآلي ج1 ص292 وبحار الأنوار ج74 ص165 ومستدرك سفينة البحار ج4 ص404 وج7 ص360 .
  • 7. راجع : كشف الخفاء ج2 ص265 .
  • 8. راجع : بحار الأنوار ج25ص279 والكافي ج1 ص187 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل الـبـيـت) ج23 ص262 و (ط دار الإسـلاميـة) ج16 ص161 والأمالي للمفيد ص253 والأمالي للطوسي ص22 وموسوعة أحاديث أهل البيت للنجفي ج3 ص491 وتفسير نور الثقلين ج4 ص52 وبشارة المصطفى ص119 .
  • 9. ميزان الحق (شبهات . . و ردود) ، السيد جعفر مرتضى العاملي ، المركز الإسلامي للدراسات ، الطبعة الأولى ، سنة 1431 هـ ـ 2010 م ، الجزء الأول ، السؤال رقم (17) .