نشر قبل 5 سنوات
تقيمك هو: 4. مجموع الأصوات: 46
القراءات: 6268

حقول مرتبطة: 

الكلمات الرئيسية: 

الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

ثقافة الانبياء

نص الشبهة: 

هناك من يقول: إن الأنبياء في ثقافتهم وإمكاناتهم الفكرية يكونون في مستوى عصرهم. فهل هذا صحيح؟

الجواب: 

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد..
أولاً: إن هذا الكلام باطل ومردود، لأن إبراهيم (عليه السلام) كان أعظم من النبي موسى وعيسى (عليهما السلام)، ومن سائر الأنبياء ما عدا نبينا محمد (صلى الله عليه وآله).. فهل انحطت الإمكانات الفكرية، وثقافات المجتمعات بعد عصر إبراهيم، ثم عادت إلى الارتفاع في عهد نبينا الأعظم (صلى الله عليه وآله)؟..
وثانياً: لو كان هذا الكلام صحيحاً، فاللازم أن يكون جميع الأنبياء الذين يكونون في عصر واحد، في مستوى واحد.. مع أننا نعلم أن لوطاً الذي كان في عصر إبراهيم لم يكن في مستوى إبراهيم، فان إبراهيم كان من أولي العزم، وكان أعظم من جميع الأنبياء، ومنهم لوط، باستثناء نبينا الأكرم (صلى الله عليه وآله)..
وثالثاً: هل إن هذا الكلام يعني: أن النبي محمداً (صلى الله عليه وآله) في ثقافته، وفي مستواه الفكري أدنى من الناس في هذا العصر؟!!..
وهل قياس المستويات هذه قد تم عبر أجهزة دقيقة الملاحظة، عرفت مدى النشاط الفكري، وحجم المعلومات التي يملكها الأنبياء عبر العصور، ثم طلعت علينا بهذه النتيجة ؟..
رابعاً: إن الأنبياء إنما يستمدون معارفهم، وعلومهم وثقافاتهم من الله خالق الكون والحياة، والمطلع على أسرار كل المخلوقات والمهيمن على مسيرها، والواقف على مسارها.. فهل يستمد مثقفو هذا العصر من مصدر أوثق وأوسع ثقافة، وأعمق فكراً، وأصح رأياً من مصدر معارف الأنبياء وعلومهم.
وأما إذا كان الحديث عن القابليات، فليس ثمة ما يثبت أن استعداد وقابلية البشر للفهم وللوعي، ولتلقي المعارف قد اختلف عما كان عليه عبر العصور، بل قد نجد في الآيات ما يشير إلى عكس ذلك..
قال تعالى:﴿ أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا ... 1.
فهل أثاروها بالجهل أم بالمعارف، وبسلطان العلم، وبدقة الممارسة؟
خامساً: إن آدم (عليه السلام) الذي كان يعرف من اسم الله الأعظم خمسة عشر حرفاً، لم يكن لديه مجتمع حتى يقال: إن ثقافته كانت في مستوى مجتمعه، أو كانت أدنى أو أرفع.
سادساً: إن ثقافة المعلم ومستواه الفكري لا يقاس بثقافة ومستوى تلامذته، فان حامل الشهادات العالية يدرّس من هو أقل منه ثقافة. وأضعف فكراً..
سابعاً: ولو كان المقصود هو الزيادة إنما تكون للأنبياء على من هو أوسع الناس ثقافةً وأقواهم فكراً في الأمة بأسرها، فلا بد أن يزيد نبي تلك الأمة عليه.
فإنه يقال: إننا إذا قبلنا بضرورة الزيادة، فقد تكون كنسبة ثقافة دكتور يعلم تلامذة في الصفوف الابتدائية، أو كنسبة ثقافة مرجع إلى ثقافة تلامذته الذين انتهوا للتوّ من دراسة مرحلة السطوح..
وقد تكون النسبة أزيد من ذلك، وليس ثمة ما يحدد نسبة هذه الزيادة، فإنها رهن بالقابليات وبالفيض الإلهي عليهم (صلوات الله وسلامه عليهم).
ثامناً: هل يمكن اعتبار الإمام صاحب الأمر أوسع ثقافة، وأرقى فكراً من الإمام علي (عليه السلام)، ومن النبي (صلى الله عليه وآله)..
نبئونا بعلم إن كنتم صادقين.
والحمد لله رب العالمين 2.

  • 1. القران الكريم: سورة الروم (30)، الآية: 9، الصفحة: 405.
  • 2. مختصر مفيد.. (أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة)، السيد جعفر مرتضى العاملي، «المجموعة الخامسة»، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الأولى، 1424 ـ 2003، السؤال (244).