الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

كيف يشاور عمر الظالم عليا عليه السلام؟!

نص الشبهة: 

لقد كان عمر «رضي الله عنه» باتفاق السنة والشيعة يشاور علياً «رضي الله عنه» في أمور كثيرة (انظر: نهج البلاغة: 325، 340)، ولو كان ظالماً ـ كما تدعون ـ لما شاور أهل الحق؛ لأن الظالم لا يطلب الحق! وفي صياغة أخرى: كيف كان عمر «رضي الله عنه» يشاور علياً «رضي الله عنه» في كثير من القضايا كما ذكر في نهج البلاغة ص325 إذ كيف لظالم أن يستعين بأهل الحق؟! وكيف لعلي أن يكون مستشاراً لذلك الظالم؟! فكروا قليلاً أيها الناس.. أم إنه التقليد الأعمى والتعصب المذموم؟!

الجواب: 

بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله الطيبين الطاهرين..
وبعد..
أولاً: إن عمر لم يكن يستشير علياً «عليه السلام» في ظلم الناس، أو في أمور الباطل، ليقال: كيف لعلي «عليه السلام» أن يكون مستشاراً لظالم، بل كان يستشيره في مصلحة الإسلام والمسلمين، فكان يجب على علي «عليه السلام» أن يشير عليه بما يحفظ للأمة دينها، وعزتها وكرامتها، ووجودها..
ثانياً: إن الحاكم يستشير أهل الخبرة بما هو موضع اختصاصهم إذا احتاج إلى ذلك، وربما كانوا من أهل الدين والحق، وربما كانوا غير مسلمين أيضاً، وإذا علم أن لدى الكافر ما يفيده في حل المشكلة التي يواجهها، فقد يشاور نصرانياً أو غيره في أمر الطب، أو في أمر البناء، أو في الشأن الاقتصادي العام. وقد يبذل الأموال ثمناً لتلك المشورات..
وقد شاور ملك مصر النبي يوسف «عليه السلام»، فلم يبخل عليه يوسف «عليه السلام» بالمشورة والنصيحة.
بل قد تكون استشارات الحاكم لدوافع سياسية، كإظهار الإنصاف والعدل، ودفع شبهة الظلم عن نفسه، وما إلى ذلك..
بل قد رأينا: أن الظالمين، بل غير المسلمين، وغير أهل الحق، يستشيرون المسلمين، ومن ذلك ما فعله يهود بني قريظة حين استشاروا أبا لبابة في الموقف الذي يتخذونه حين غزاهم رسول الله «صلى الله عليه وآله»..
وقضيته معروفة ومشهورة..
ثالثاً: إن المشورة دليل حاجة المستشير إلى رأي وتدبير وعلم المشير، وليست إحساناً من المستشير إلى المشير، كما أن حاجته إليه قد تكون لأجل حفظ سلطانه وتقويته، وربما كانت في نفس الوقت.. ومن الواضح: أن هذه نافعة للإسلام وأهله.
ثم إن مما لا شك فيه أن حاجة عمر إلى علي «عليه السلام» وتلبية علي «عليه السلام» لطلب عمر، وتقديم النصيحة له، يدل على أنه «عليه السلام» كان يتعالى على الجراح الشخصية، ولا يفكر إلا في مصلحة الإسلام العليا، فلا تدل الاستشارة والمشورة على قبوله خلافته، ولا على مشروعيتها، ولكنها لا تعدو كونها تعاملاً مع الأمر الواقع في سبيل الهدف الأعلى والأغلى.
رابعاً: إن ذلك يدل على مكانة علي «عليه السلام»، وتميزه في العلم والحكمة والتدبير، وحاجة الناس إليه وغناه عنهم.
والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله.. 1.

  • 1. ميزان الحق.. (شبهات.. وردود)، السيد جعفر مرتضى العاملي، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الأولى، الجزء الثالث، 1431 هـ ـ 2010 م، السؤال رقم (108).