الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

لا يجوز ترك الاولى للانبياء

نص الشبهة: 

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

بناءً على قولكم بعدم جواز ترك الأولى بالنسبة للأنبياء والأوصياء، كيف يتم التوفيق بين هذا القول والآية الكريمة:﴿ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَىٰ وَهُوَ مَكْظُومٌ .. حيث إن الخطاب موجه للنبي صلى الله عليه وآله بألا يكون موقفه مثل موقف النبي يونس عليه السلام.

الجواب: 

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد..
بالنسبة لموضوع عدم جواز ترك الأولى للأنبياء، أقول: قد ذكرت ذلك في كتاب «براءة آدم (عليه السلام)»، وبينت وجهه هناك. والآية المذكورة لا تدل على ترك الأولى.
وذلك للأمور التالية:
أولاً: قيل في تفسير الآية ما مفاده: أن « اللام في قوله:﴿ ... لِحُكْمِ رَبِّكَ ... 1.. بمعنى إلى، وفيه تهديد لقومه، ووعيد لهم: أن يحكم الله بينه وبينهم » 2..
وهذا معناه: أن الأمر بالصبر، إنما هو لإعلامه بأن عذابهم واقع لا محالة، ولا حاجة به إلى أن يطلب من الله إنزال العذاب عليهم، كما احتاج يونس عليه السلام..
ثانياً: إننا قد ذكرنا في كتابنا: «خلفيات كتاب مأساة الزهراء» أن النهي في قوله:﴿ ... وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ ... 1.. ليس لأجل مرجوحية متعلقه، بل لأن المراد بالآية حث النبي صلى الله عليه وآله، على أن يسعى لنيل مقامات أسمى من المقامات التي نالها نبي الله يونس عليه السلام، الذي تعرض لمصائب وبلايا، بلغت به حد الاختناق بغمِّه، فنادى ربه ليفرج عنه، ولو أنه صبر وتحمل أكثر من ذلك لنال مقامات أسمى وأعظم..
فأراد الله تعالى أن يرشد نبيه إلى أن هناك مقامات أسمى وأعظم، إذا أراد أن ينالها، فإن عليه أن يضاعف من صبره وتحمله.
فإنه قادر على ذلك، بما يملكه من طاقات إيمانية هائلة، ترتكز إلى شمولية معرفية لا يمكن أن تقاس بها معرفة النبي يونس عليه السلام، ولا طاقاته الإيمانية..
إذن.. فلا يوجد إلا الراجح الأولى، فيما فعله النبي يونس عليه السلام، وفيما يطلب الله تعالى من النبي صلى الله عليه وآله أن يفعله..
وليس هذا من موارد ترك الأولى، الذي هو محل البحث ولا يراد به ما هو من هذا القبيل، وذلك ظاهر لا يخفى..
والحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله الطاهرين 3..

  • 1. a. b. القران الكريم: سورة القلم (68)، الآية: 48، الصفحة: 566.
  • 2. تفسير الميزان ج19 ص387.
  • 3. مختصر مفيد.. (أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة)، السيد جعفر مرتضى العاملي، «المجموعة السادسة»، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الأولى، 1424 ـ 2003، السؤال (308).