الأبحاث و المقالات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة ، بل تعبر عن رأي أصحابها

يحاول البعض انكار المسلمات العقائدية بحجة الوحدة الاسلامية فهل كان الامام الخميني يريد مثل هذه الوحدة ؟

نص الشبهة: 

توجد ظاهرة جديدة وهي أن بعض الأدباء والمستثقفين يحاولون إنكار المسلمات العقائدية من دون أي دليل أو برهان ، بحجة الوحدة الإسلامية فهل كان الإمام الخميني رضوان الله عليه يريد مثل هذه الوحدة ؟ . وتارة أخرى بحجة إيصال الإسلام المحمدي من دون غلو!! . فما هو تعليق سماحتكم ؟ .

الجواب: 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . .
أما الجواب على هذا السؤال : فإن الله تعالى حين أراد للمسلمين أن يكونوا يداً واحدة ، فإنما أراد ذلك ليكونوا قوة تردع من سواهم من التعدي عليهم . . « المسلمون يد واحدة على من سواهم » 1 .
كما أنه تعالى قد صرح في كتابه الكريم بأن أمة الإسلام واحدة ، ولكنه قرر لزوم الالتزام بمقتضيات ربوبيته تعالى للأمة ، وهو إخلاص العبادة له : ﴿ إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ 2 .
ثم مراقبته تعالى في كل فكر ، أو قول ، أو فعل : ﴿ وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ 3 .
وهذا معناه : أن وحدة الأمة لا بد أن تكون في دائرة توحيده ، وإخلاص العبادة له ، والالتزام بأوامره تعالى ونواهيه .
ثم ذكر تعالى : أن تبليغ رسالات الله للناس لا يجوز أن يخضع لحالات الخوف والخشية من هذا الفريق أو ذاك ، الأمر الذي من شأنه أن يؤثر على صفاء وسلامة الحقائق التي يراد إيصالها إلى الناس ، بل لا بد من التحلي بأقصى درجات الشجاعة ، بحيث لا يخشى الذين يبلغون رسالات ربهم أحداً إلا الله تعالى ، فقد قال سبحانه :
﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا 4 .
ويلاحظ أيضاً : أنه صلى الله عليه وآله قد عمل على توحيد المسلمين ، ودفعهم ـ من خلال سلسلة من التعاليم الإيمانية العملية ـ إلى أن يوظفوا كل خصوصياتهم الفردية والقبلية ، والجغرافية ، والمادية ، والاقتصادية ، والسياسية ، وكل ذلك التنوع في إمكاناتهم الفكرية والعلمية والنفسية والروحية والعقلية ، و . . و . . الخ . . ـ أن يوظفوا ذلك كله ـ في خدمة الكيان العام الذي يعبر عنه بالأمة ، أو نحو ذلك . .
وكان من جملة السياسات التي تنطلق من وعي إيماني ، وتوجيه تشريعي عملي ، هو قضية المؤاخاة التي دعاهم إليها ونفذها أكثر من مرة . .
وكان الأساس الذي أقامها عليه يرتكز على أمرين :
الأول : الحق .
الثاني : المواساة .
فالحق هو أساس الوحدة ، به تحفظ وتصان ، وعليه تقوم وتشاد ، ومنه تستمد الثبات ، وتتخذ صفة الأصالة والواقعية . .
فكيف يمكن أن يكون تضييع الحق أساساً للوحدة ، أو من متطلباتها العملية!! . .
وأما محاربة الغلو ، فلا تكون بالتخلي عن الاعتقادات الصحيحة . . بل تكون بالسعي إلى تقويتها ، وترسيخها ، وتعريف الناس بها ، وإرجاع الناس إليها . . والإسلام المحمدي هو الحق الذي لا يوصف بغلو ، ولا يوصم بتخلُّف . .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 5 . .