كيف يمكن تحقيق الوحدة السياسية والاجتماعية في مجتمع يعيش انقسامات حادة على أساس قومي أو ديني ـ مذهبي، أو مناطقي أو قبلي؟هل يكون ذلك بالمراهنة على تذويب الهوّيات وإلغاء مشاعر الانتماء الخاص؟أو بغلبة طرف وإخضاعه لسائر الأطراف؟أم أن هناك أساليب وخيارات أصوب؟
والذي يمكن أن نستوحيه في المحصّلة من هذا الجو القرآني أنّ من يريد أن يتّخذ الكافر وليّاً له للحصول على حقٍّ أو للحفاظ على موقع من أجل الوصول إلى العزّة التي يتصوّر أو يتوهّم أنّه يمكن أن ينالها عبر سلوك هذا الطريق، فإنّ هذه النتيجة لن يحصل عليها أبداً، لأنّ الإتخاذ من الكافرين أولياء ستجعله عبداً مأجوراً لإرادتهم وسوف تسخّره من أجل أهدافها وغاياتها، بل وقد تدفع به إلى تدمير كلّ ما كان يسعى إليه عندما يرضى بأن يرهن شعبه وأمّته لإرادة أولئك الكافرين.
ومن الرّوايات ما عن الإمام الباقر «عليه السلام» أنّه قال: «إنّ الله قضى قضاءً حتماً ألا ينعم على العبد بنعمة فيسلبها إياه حتى يحدث العبد ذنباً يستحق بذلك النقمة».
اقتصر كثير من الناس في تقييم صلاح الدين الأيوبي من خلال كونه فاتحاً لبيت المقدس وبطل معركة حطين، واكتفوا بذلك متغافلين عن تقييمه كحاكم له مساوئ وسلبيات أخرى ربما تدعو المنصف إلى أن يعيد النظر في نظرته المثالية إلى صلاح الدين، وحيث إن كثيراً من الناس يفتخرون به، ويعدونه واحداً من الأبطال الذين قل أن يجود الزمان بمثلهم، فإني سأذكر بعض المآخذ التي عيبت عليه، ومنها:
فهل الإسلام يدعو الى قتل الناس غيلة وعلى قارعة الطريق لمجرد الاختلاف في الرأي أو المذهب أو الدين؟ وهل الإسلام يدعو الى العنف وسيلة في الوصول الى السلطة والحكم؟.
وما ينبغي التأكيد عليه أن التعصب الديني لا يظهر إلا في ظل تأزمات فكرية، ويكون هو من تجليات هذا التأزم، لأن التعصب لا ينشأ من الدين، وإنما من الفكر الذي يكون المعرفة بالدين، لهذا فإن معالجة التأزم الفكري هو مدخل لمعالجة التعصب الديني.
إن واقع التعاون داخل الشعوب والمجتمعات الإسلامية ليس أحسن حالاً منه بين الحكومات، فحالة التنافر والتباعد هي السائدة بين مختلف القوى والجهات، من مذاهب وطوائف وأحزاب ومؤسسات، وحتى ضمن المذهب الواحد والمدرسة الواحدة، هناك عجز عن التعاون وتنسيق المواقف والجهود.
الا أن ما يهمنا بالأمر هو هذا الخلط والتعدي والتوسع بين هذين المفهومين، بغرض المساعدة على تحقيق ما لا تناله يد السياسي الذي يبحث عن كلّ وسيلة تمكّنه من الوصول الى الحكم أو البقاء في بحبوحة السلطة.
من القواعد المهمة في الآداب والذوق العام التي ينبغي على كل فرد الالتزام بها: أن لا تغلق طريقاً عاماً بسيارتك، ولا تزعج أحداً بدراجتك النارية، ولا ترمِ أوساخاً في الشارع، ولا تؤذِ جيرانك برمي مخلفات منزلك أمامهم، ولا تنشغل بهاتفك النقال أو تتحدث مع من يكون بجانبك أثناء إلقاء الخطيب لكلمته، ولا تدخن في مجلس عام فتؤذي الآخرين بفعلك السلبي.
لكن للأسف الشديد فإنّ أصحاب المطامع الدنيوية من المسلمين ومن غيرهم لعبوا الدور السلبي في هذا المجال، وأضعفوا العقيدة الإسلامية في نفوس المسلمين، ولم يسعوا لتبليغ الرسالة لغير المسلمين أيضاً، ممّا أدى في النهاية إلى ضعف العالم الإسلامي وإلى قوةٍ متنامية عند غير المسلمين جعلتهم يستلمون زمام أمور العالم ليقودوه وفق توجُّهاتهم وأهدافهم المنحرفة والشريرة ممّا أدّى إلى ضياع الإنسانية وانحرافها إلى حدودٍ بعيدة جداً عن جادة الحقّ والصواب.
هناك من يرى أن علوم الدين أخذت مكانتها بما يكفي، وحان الوقت للعناية والاهتمام بعلوم الدنيا، أو بصيغة أخرى أن مشكلتنا أو نقصنا ليس في علوم الدين، وإنما في علوم الدنيا، ويذهب إلى هذا الرأي الدكتور حسن حنفي الذي دعا إلى الانتقال من علوم الدين إلى علوم الدنيا في سياق نهجه ودعوته إلى أنسنة الفكر الإسلامي.
أتمنى أحيانا لو أن أبنائي لم يشاركوني خروجي وتفسحي يوم الجمعة، فغالبا ما يسرعون بي للعودة إلى المنزل مرة أخرى وهم متبرمون (زهقنا، مللنا، طفشنا) إلى آخر كلماتهم التي تحرمني الاستمتاع والسعادة.
يود الانسان ان يعيش حياته دون مشاكل او صعوبات، وان لا تعترض طريقة عوائق وعقبات، بيد ان القسم الاكبر من المشاكل التي يواجهها انما تنبع من ذاته، وتحصل بسبب نواقصه واخطائه، وبإمكانه تجاوزها بمزيد من المعرفة والاستقامة والاجتهاد. وهذا ما تشير اليه آيات عديدة في القرآن الكريم، تحمل الانسان فردا ومجتمعا، مسؤولية ما يقع عليه من نكسات وآلام، يقول تعالى: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾1.
إن أطروحة ولاية الفقيه التي تركت بصماتها بثقل على واقع الفكر السياسي الشيعي لم تكن قيمة نظرية فقط، وإنما شكلت حدثاً نوعياً على مستوى السلوك الحركي الإسلامي العام، وعلامة على تطور البنية الثقافية عامودياً وأفقياً في إبداعٍ موفق على الصعيد العملي بين ما هو عقيدي- إيماني وبين ما هو سياسي.
في فترة المراهقة يميل الشباب إلى الاستقلالية ميلا شديدا، فيصبح الرباط الأبوي القوي الذي كان بينه وبين أبويه ساحة صراع بين طبيعة الفترة التي يعيشها بميولها الاستقلالية وبين تاريخ طويل من الاستماع والإنصات للوالدين في فترتي الطفولة والصبا، وهذا الصراع غالبا ما ينتهي لمصلحة النزعة الاستقلالية عند الشاب، فيخرج من هيمنة الوالدين، وينفصل تدريجيا عنهما، ويتجلى ذلك في عدم تكبله بوقت الأكل معهما ولا بالسياحة أو السفر أو التنزه برفقتهما.
من كلّ هذا الجو ينبغي على المؤمنين توخّي الحيطة والحذر والإنتباه من الأخبار التي تُنْقل إليهم وأن يدقّقوا في كلّ ما يصل إليهم، لأنّ مصدر بعض هذا قد يكون صادراً عن الكذّابين الذين لديهم أهداف وأغراض شخصية أو مشبوهة، بحيث يكون العمل وفق أخبارهم ضارّاً بمن لا يجوز الإضرار به شرعاً فيرتكب المؤمن من حيث يعلم أو لا يعلم الذنوب التي تُرتّب عليه تحمُّل التبعات أو النتائج التي حصلت بفعل التسرّع وعدم التأكّد من صحّة الاخبار والأحداث المنقولة.
إنّ الإمام الصدر تمكّن من إيقاظ الشرارة الساكنة لدى الطائفة الشيعية، ودفع بتياره إلى صدارة الساحة السياسية لتشكيل مشروع وطني ينطلق من الفكر الديني والقيم الدينية على وجه التحديد. وقد شكلت حركة أمل سابقاً، وأمل وحزب الله حالياً أحد أبرز التعبيرات عن هذا الانتماء لمشروعه الذي يزداد تجذراً ونفوذاً وانتشاراً بأشكال وأساليب يُلاحظ فيها تفاوت التجربة الزمنية بين لحظة التأسيس واللحظة الحالية إن لجهة التناول والأداء، أو لجهة المفادات والنتائج العملية.